أبواب كثيره ومفاتيح أكثر ، وخارطه طريقه تاهت وسط زحام التفكير ، وعُشاق كُثر عاشوا سنيناً طويله في معمعه المتاهات ، مُستمتعين بذلك الضياع ، عالمٌ جميل ، مُختلف عن عوالم البقيه ، لا يشبهه شيءٍ قط ..
نوافذ تلك الأبواب لا تُطل إلى على ملامح ذلك الوجه ، مرآة الأمل ، عيّنُ الصواب ، وكبد الحقيقه ، مع صباح كل يوم ، يأخذ مهام الشمس ، لتُشرق أشعته مُخترقه تلك الأبواب ، لتُعلن لكُل العُشاق بداية يومٍ جديد ..
يتسامر العُشاق فيما بينهم ، يُحدثون بعضهم ، مُهنئين نفسهم بيومٍ جديد ، تتأمل فيه أبصارهم ملامح ذلك الفتى الجميل ، إنظُر يا صديقي ، لقد أشرق من جديد! نعم نعم ، يومٌ آخر نعيش فيه قصه جديده يا صاح !
تتهافت من كل حدبٍ وصوب تلك الرسائل ، و تتوحد الأصوات من جديد ، ما أجمل ذلك اليوم ، وما أعظم تفاصيله ، المُدهش في الأمر ، أنك تستمع لنفس الحروف في كل يوم ، يا له من عشق ويا لها من عاطفه!
يفتحُ هذا الباب هُناك في أقصى اليمين ، وفي اقصى اليسار هُناك شخصٌ آخر يفتح بابٌ مُختلف ، وتزداد الاعداد ، ويزداد ضجيج الابواب ، يدخل فوّج العُشاق من تلك الابواب ، ليضربوا موعدٍ جديد معه ..
تُفتح الأبواب ، يجتمع العُشاق في ساحةً كُبرى ، ولكن هُناك ثمة بابٍ أكبر ، هُناك في آخر تلك الطُرقة ، تتسارع الخطوات ويتزاحم العُشاق في من يسبق أولاً ، ليطُل عليه ويُلقي عليّه سلامه وتحياته ..
قبل أن يصل الجميع ، يُفتح الباب فيخرج ذلك الفتى مُرحباً بهم " جئتكم ولهاً قبل أن تصلوا إلى هياماً ، تلك مملكتنا يا رفاق ، لنبنيها كما يليق " تصدح أصوات العُشاق ، يُهللون لذلك الفتى بكل سرورٍ ..
لــــنــــفــــعــــلــــهــــا الآن يـــا خــــافــــيــــيــــر ! !
أنا شابٌ في نهايه العقد الثاني من العُمر ، بدأت طفولتي معك ، وعشت معك مراهقتي ومراحل نُضجي ، شاهدتُ فيك الأمل حين يكبُر ، الطموح حين يتسيّد ، الرغبه حين تعتلي كل شيء ، الحنين للذكريات الجميله..
أتعلم يا سيّدي ، الطفل دائماً يكبُر وهو يتعلّم اساسيات الحياه ، يعرف صحيحها من خاطئها ، ثم يبدأ بشكلٍ طبيعي في الإنتقال من مرحله الطفوله ، الى مراحل المُراهقه والشباب المُبكر ، كل ذلك يبدو طبيعياً ..
لكن عُشاقك كانوا مُختلفين ، معك كُنت أكبر على الرغبه لهدم المُستحيل ، معك كنت أكبُر على الإخلاص والإحترام لقلوب الجميع وعقولهم ، معك كنت اغوص في مُعادلات كيف تُصبح رجلاً ناجح ..
كل شيء بالنسبه لي كان مُختلف ، الامر لم يتوقف عند هذا الحد ، كُنت دائماً مُرتبطاً بسعادتي ، لك أن تتخيل ، أنت لم تُفارقني أبداً ، حتى في أوقات خُلوتي وعُزلتي ، بعيداً عن كل هذا العالم ، فقط أنا و أنت !
كنت اذهب مُسرعاً إلى غُرفتي ، اوصد الباب واُحكم إغلاقه ، أتمدد هُناك عند تلك الأريكه ، ثم انظر في ذلك السقف الذي كنت انظر إليه في كل يوم ، بنفس الوضعيه ، ونفس الطريقه ، ونفس الإسلوب ..
كنت تظهر لي مُبتسماً ، تُحدثني بتلك النبرة الصادقه ، أنا معك مثلما كنت معي دائماً ، عقولنا وقلوبنا تلتقي في ذلك الاُفق ، نُساند بعضنا ، نُساعد بعضنا ، وكُلٍ منا يُقدم للآخر نصائحه ، أليست هذه قوانين مملكتنا؟
أتذكر قاطعتك حينها وقُلت لك ، بلا ، بلا يا خافيير ، أنت علمتني كل ذلك عندما كنت صغيراً ، هل تتذكر ذلك؟ فتُقاطعني بتلك البراءه ، نعم أتذكر ، هل تتذكر أنت؟ ، نعم ، نعم أتذكر ، بل حتى صدقني لم أنسى يا خافيير!
عشقنا كان دائماً أكبر وأبقى من أي فشلٍ يتربص بنا ، كُنا نستمد قوانا من بعضنا البعض ، أنا اساندك ، وأنت تؤازرني ، كان مبدأنا دائماً ، يداً بيد من أجل عشقٍ أكمل ، تلك أساسيات حياتنا ، لم يُغيرها الزمن صدقني!
بدأ طوفان المشاعر الضاريه يدفعني إليّك دون أي سبب ، لم أكن اشعر بما يدور حولي ، لكن جُل ما كُنت اعرفه هو أنني اريد ان احبك ، بأي طريقه ؟ بأي إسلوب؟ بأي شكل؟ كل ذلك بالنسبه لي لم يكن مُهم ..
كانت هُناك براكين تشتعل في قلبي ، تماماً كالحطب حين تلتهمه النيران ، مُشاهدتك كانت تسرق مني كل شيء ، لا اتذكر حينها أي صراعٍ تحملت ، حتى بنات أفكاري حينها كانت تؤيدني ، مفعول سحرك كان طاغياً ..
حاولت تناسي ما يحدث ، ثم توجهت إلى مكتبتي هُناك في تلك الزايه ، فإذا بي أجد كتاباً لا اتذكر اسمه ، ولكنني اتذكر انه كان يتحدث عن العُشاق وإعترافاتهم ، ومدى تأثير الحُب في مراحل حياتهم المختلفه ..
كلما قرأت صفحه ، دون أي شعور ، أجد نفسي ذاهباً للإعتراف إليك بكمّ الحُب الهائل الذي اكنّه لك ، لم أكن احتاج الوصول إليك لأقول لك ما اريد ، فأنت فعلاً كنت حاضر معي ذهنياً وجسدياً ، في كُل مكان اكون فيه !
كنت اشاهدك جالساً بجانب الأريكه ، تنظر إليّ في المرآه ، تُناديني وأنت جالسٌ في تلك الشُرفه ، تُحدثني من المطبخ لتسألني عن مشروبي المفضل ، في كل ارجاء الغرفه كنت اشاهدك ، مثل الشبح في كل مكان ..
كنت هاجساً في كل شيء ، الهوّس بك أخذني الى عالم لا يوجد فيه أحد ، كنت آخذ صورتك من عند تلك المرآه ، فأذهب بها هناك إلى مكتبي ، اُشعل الشموع اولاً ، ثم اطفئ أنوار الغُرفه ، مُستعداً لـ لقاؤك ..
أجواءٌ مُظلمه ، لا نور فيها سوى بريق الشموع ، احدثّك وتحدثني ، فتُخبرني انك تُريد لقائي ، متى ذلك يا خافيير؟ غداً هُناك في المُلتقى المُعتاد ؟ أين؟ لا تنسى ، مولد العُشاق هُناك في الجوسيبي يا صديقي !
كان يضرب مواعيد مع الملايين من عُشاقه في كل اسبوع بنفس الموعد ، يلتقي بهذا ويُحدث ذاك ، ويتطمن على احوال هذا ، ودائماً يسأل عن حياه اولئك العُشاق في أعلى المُدرج ، لم يُهمل عاشقاً له ابداً ..
في ليلةٍ ما ، حققت حُلمك وحُلم الملايين ، يا لها من مُتعةً اشعر بها ، يحترق الفشل أمام عيّني ، وأستلذ لمنظر رماده ، كان مشهد مُذهل ، أشبه بالتوقيع على وثيقه النجاح وإعتماده ، شيء لا يوصف ابداً ..
قُلت لك في صِغري أنك علمتني الأمل ، وها أنت في هذه اللقطه تُؤكد أن الأمل نهايه طريقه النجاح ، علمّتني الطموح ، فما أعظم الطموح عندما يقودني إلى النجاح ، مُعتلياً قمم الجبال مُؤكداً على صحة مُعتقدي ..
علمتني الرغبه ، فأظهرت لي الواقع أجمل من الخيال ، علمّتني و علمّتني و علمّتني ، وفي كل لقطه كنت تؤكد لي أن ما كُنت تعلمّه ، لابُد وأن يأتي يوماً لتعرف نتيجته ، وكأن كل ما تتفوّه به محسوبٌ لوقتٍ بعينه ..
بدأ معك يومٌ جديد ، وبالتأكيد كان سيبدأ معك سيناريو آخر وقصةً مُختلفه مع هذه الإطلاله ، إستيقظت من نومي باكراً ، حتى قبل ان تُشرق الشمس ، اتذكر ان الوقت كان فجراً ، ولم أكن استمع إلى شيء ..
كان التلفاز مُغلقاً ، وحتى ذلك الراديو العتيق بدأ يفقد قُدرته ولم يكن يعمل ، إستيقظت سريعاً ، ثم بدأت اسير بخطواتٍ بطيئه ، ذاهباً إلى تلك الشُرفه هُناك ، لأرى كيف يبدو العالم من الخارج في هذه الساعات ..
كنت الوحيد المُستيقظ في تلك الساعه ، كان منظر الشوارع جميلاً ، مُتلألئاً ، شعرت أنني كنت امتلك كل شيء ، وفجأه وجدتك بجانبي ، ألقيت السلام ، ثم طلبت مني الجلوس ، قبل الجلوس ، هل تريد قهوةً معي؟
أنزلت رأسك بالإيجاب ، إرتشفنا القهوه ، وبدأنا نتبادل اطراف الحديث ، حينها أخبرتني أن موعد رحيلك قد إقترب ، الخبر كان له وقع الصاعقه بالنسبه لي ، حياةٌ كامله كانت معك يا خافيير ، أمر ليس بالهيّن !
لم استوعب ما قال ، قُلت لعلني كُنت أحلم؟ ، ما أجمل الحُلم حين تلتقي فيه عقولنا واجسادنا ، وما أقبح واقعه وحقيقته ، إلتفت إليك فلم أجدك ، فبدأت اتأمل في الشوارع وأنا افكّر في حقيقة ماقُلت وسردت ..
الأمر لم يكن بسيطاً ، ولكن لعلها كانت سُنة الحياه ، مجيءٌ بفرحةً عارمه ، مُراهقه بروح التفاؤل ، شبابٌ برغبات النجاح وطرد الإنكسار من كل القواميس ، قيمٌ حميده تعلمتها منك وأنت علمتّني إياها ..
أفكاري الآن تُصارعني ، طيلة حياتي كُنت اعرف ما اقوله لك ، واُجيد كيفيه ترتيب الكلمات لإلقائها عليّك كُلما سنحت لنا الفُرصه بالإلتقاء ، ولكن الآن ماذا عساي أن اقول لك يا مُسن بـ روح الشباب !؟
كُل شيءٍ صار علي ممنوعٌ ومحظور ، لم يعد بإستطاعتي تمنّي شيء مثلما كُنت افعل بالأمس ، الوضع اليوم تغيّر ، لم يعد الواقع جميلاً مثلما كان بالأمس ، رغم صعوبه الامس إلا ان جمال الصعوبه لم يكن يضاهى ..
لا استطيع ان اكتم مشاعري ، أرجوك دعني اُصارحك ، فـ أنا الآن لا اوّدعك بمُفردك أنت ، بل أوّدع شعبٌ غفير ، كان دائماً ينظرُ إليك ويرى فيك النجاح بأجمل صوره وأبهى حُلله ، ستنتهي الحكايه يا رفاق !
اليوم أوّدع الروح الإنتصاريه ، أوّدع الشباب المُسن ، أوّدع الرغبه والعزيمه ، أوّدع الإصرار والإنتصار ، أوّدع كل الأشياء الجميله في صورة رجلٌ واحد ، يااااه ! كم هي أليمه يا خافيير ، قسوت عليّ كثيراً !
نتجمع أنا والرفاق عند تلك الأبواب من جديد ، كما كُنا نفعل قبل أكثر من 15 سنه ، نُحدث بعضنا ونتبادل الافكار حولك ، ولكن هذه المره لن نتبادلها ولن تُعيقنا بعض الامور مثل الإختلاف في وجهات النظر ..
هذه المرة سنحزن ، هذه المرة سنبكي ، هذه المرة سنوّدع رمزاً لطالما كان قدوةً في كل شيء ، كان جميلاً في كل شيء ، كان ولا زال ذو شخصيةٍ مُتفرده ، أكثر تميزاً في كل شيء ومن كل شيء ..
لنوّدعه الآن يا رفاق ، الإسطوره شارف على الرحيل ، حدثٌ صعب على قلوبنا ، سترحل الآن يا خافيير ، لكن ثق تماماً أن مكانك في القلب كما كان دائماً لن يتغير ، نفس الحُب ، نفس الاحترام ، ونفس الوله ..
ولكن إن ودعتنا ورحلت ، أرجوك يا خافيير ، لا تنسى ان تُطل عليّنا مثل كُل صباح ، وكرر على مسامعنا كلماتك الشهيره " جئتكم ولهاً قبل أن تصلوا إلى هياماً " ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق